بقلم الطالبة:
لين جمال بني حمد
مستوى السنة السادسة
دفعة مجد -2017-2023 الفوج الخامس
مع اشتداد ذروة وباء كورونا بتُّ أخاف أن أفتح مواقع التواصل في كل صباح، فاللون الأسود يملأ المكان، ورائحة الموت تفوح من بين السطور..
جلست اتأمل حال الدنيا، وتذكرت ثلة من الناس ممن ساكنونا وعاشرونا وناقشونا وزاملونا ودرّسونا قد ودعوا الدنيا وتركوها، تذكرت علماء كانوا سمع الدنيا وبصرها بل تذكرت أعظم خلق الله الرسول صلى الله عليه وسلم الذي مشى بالمدينة وكان إماما بالناس في المسجد النبوي، وجلس مع أصحابه بعد صلاة الفجر.. ذهبوا كلهم بين الثرى ولم يبقى لهم في الدنيا غير سيرتهم..
وسرت بي سلسلة من التساؤلات، كيف يأمن الإنسان ويغفل وهو يرى من حوله يتناقصون وأخبار الموتى لا تتوقف؟ كيف لهذه النفس الإنسانية أن تغفل عن الحقيقة الكبرى وهي حقيقة الموت؟ كيف لا نؤمن فعلا بأن لحظة توديع الدنيا قريبة منا، قريبة منا جدا فوق ما نتصور، انها لحظة بالابواب؟..
ثم مرت بذهني هذه الآيات الكريمة {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} حيث أشارت للمفارقة بين قرب الأجل في مقابل استمرار الغفلة، لقاء الله قريب ولا زلنا غافلين..
وقال تبارك وتعالى {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} أي لن ينفع في تلك اللحظه التحايد او الفرار وستأتي تلك الساعة قريبا للانتقال للدار الأبدية، ساعة قررها الجبار جلّ جلاله، لا تقبل التأجيل ولا التقديم {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}..
لابد من استحضار ذكر الموت وقرب الأجل في حياتنا، لأنه يدفعنا فعلا للعمل الصالح النافع طبقا لمراد الله، بل يثمر فينا تصحيحا هائلا في مسيرة حياتنا، ويغير جذريا في نظرتنا لكثير من الأمور ويصبح حكمنا على الأشياء من منظور سؤال واحد : هل تقرب من الله وتنفع في اليوم الاخر ام لا؟!
واذا وفق الله الإنسان أن يبتعد مزاحمة ما يكتسبه الخلق، ومنافستهم على المناصب والمساكن والعقارات ونحوها، وأقبل على ما هو أعظم من ذلك، وهو عمارة النفس بالله والانشغال بصناعة المستقبل الأبدي؛ فإنه حتما سيكتشف للحياة معنى آخر، معنى أسمى من ذلك الحطام الصغير المؤقت