بقلم الطالبة:
لين جمال بني حمد
2017-2023مستوى السنة السادسة/ دفعة مجد - الفوج الخامس
بعد أسبوع في دوام الطب الشرعي، مررت بتجربة عميقة ومؤثرة، وعشت أصعب لحظات لن انساها في حياتي.. وهي لحظة دخولي للمشرحة، رغم ان الحضور كان اختياري ليس فيه إجبار، لكنّي اصررت على الدخول بخطوات ثقيلة، اغالب نفسي على ما فيها من خوف وقلق، لم يخيفني منظر التشريح والدم بقدر خوفي من منظر الميت ومن أفكاري لحظة رؤيته..
تعجبت حقا لأمر الإنسان، قبل موته كان يلهو ويلعب، ينهى ويأمر، يحزن ويفرح، يقوى ويضعف، يتسلط ويتجبر وقد تعلق بالدنيا وظن انه مخلد فيها، ثم لا يلبث حتى يتحول - بين غمضة عين وانتباهتها - إلى جثة هامدة، لا يقوى على دفع الأذى عن نفسه ولا يملك من الأمر شيء..
والله ليس ثمة ما هو أعظم عبرة ولا أبلغ موعظة من الموت، فهو يمثل حقيقة مرة قاسية لا مراء فيها، تواجه كل مخلوق، فلا يملك لها رداً، ولا يستطيع أحد دفعها، مهما كان سلطانا او مهما بلغت ثروته..
حقا علمت وقتها ضعفي، وكسر في نفسي اي غرور ملكته، وآمنت بقلة حيلتي وعجزي، وتوصلت إلى قناعة راسخة ان العمر قصير مهما امتدت به الحياة، وأن الحياة الدنيا ما هي إلا محطة وجسر عبور للاخره، وانه لابد أن نلقى جميعا المصير ذاته الذي لقيه من سبقنا {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)..
وكفى بالموت واعظا.