بقلم الطالب:
عبدالله محمد العلي
مستوى السنة الخامسة-دفعة مجد-الفوج الخامس/ 2017-2023
دراسة الطب حُلم الكثيرين و أنا أحد الأشخاص الذين كان الطب حُلمهم من الصغر إلى أن مَنَ الله عليّ وأكرمني بأن أستطعت حجز مقعد لي في "جامعة اليرموك" الأردنية لدراسة الطب .
وعند الحديث عن تجربة طالب الطب تجد السؤال المتكرر الذي تُسألُهُ في كُل مجلس:
هل أثرت دراسة الطب على حياتك ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال سأتحدث من تجربتي المتواضعة في دراسة الطب عن الطب الذي يُعد من أكثر الأشياء إمتاعًا و تعقيداً بالوقت ذاته ، أما عن المتعة، فهذا لكونك تدرس ما يُبهرك.. تعرف أشياء ما كنت تعرفها أبدًا على الرغم من أنها تحدث في جسدٍ أنت صاحبه.!
هذا الجسد المعقد ، الجامع لتفاصيل رهيبة يستحق الكثير من التأمل و كامل الإعجاب، فهي متعةٌ بدراسة ما هو معقّد .
أعود للسؤال السابق و الإجابة التي تخطر سريعاً إلى ذهني عندما يسألني أحدهم عن تأثير الطب على حياتي ألا وهي التوتر المزمن حيث يصبح التوتر رفيقك و ذلك لأن دراسة الطب تدفعك لتحصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات في أقصر مدة زمنية ، حيث أن المعلومات في دراسة الطب متراكمة فالجزء النظري كبير و كذلك العملي فأنت تحاول قدر أستطاعتك تحدي نفسك لفهم نفسك !
أما عن فكرة تنظيم الوقت فهي ليست بالسهلة في دراسة الطب ، حيث أن الكتب لا تنتهي و الأمراض لا تنتهي و الأسئلة لا تنتهي
" إذا أردت الاستراحة، فستتأخر، وإذا أردت التوقف سيأكلك تأنيب الضمير ! "
لذلك تستطيع أن تقول أن الطب سيصبح حياتك بالمعنى الحرفي للكلمة .
و في النهاية سأترك مجموعة نصائح من شخص له بضع سنين في هذه الكلية :
1- الطب ليس كباقي التخصصات .. الطب أسلوب حياة.. الأيام كافية لتتأكد من ذلك .
2- الطبيب قبل أن يكون طبيبًا فهو انسان .. إن نسي ذلك تحوّل إلى شخص يتكسّب من أوجاع الناس.. كُن انسانًا .
3- احذر من أن تعتبر المريض دُمية تتأكد بها على غزارة معلوماتك.. فالمريض انسانٌ مثلك .
4- يملّ الكثير من طول الدراسة وكثرتها.. لكنّ يملّ المريض من مرضه أكثر.. اصبر فستحلّ بين يديك أعباءٌ ثقيلة .. اصبر فابتسامة المريض ستُنسيك كل هذا .
5-الطب هو هيكلٌ متكامل.. يربط بعضه بعضًا.. لا تُركّز على شيء وتُهمل أشياء.. سينهار البناء وتنهار مصداقيتك .
6- لن تتعلم الطب نظريًا تحتاج لأن تُطبق.. محاضرة التشريح طبّقها في المشرحة.. محاضرة الباطنة طبّقها مع المريض.. وهكذا .
7- نصيحة مباشرة للاختبار: يُقال أنّه في الطب “what’s common is common” فلا تنسوا مراجعة الـ common قبل أي اختبار . ملاحظة لمن لا يدرس الطب : المقولة هي أن الشائع في الأمراض يحدث أكثر بالضرورة واحتمال كونه التشخيص هو أكثر، فاحرص على دراسة الشائع أولاً.
8- يغيب الكثير عن المحاضرات ليتفرّغوا للمذاكرة في البيت .. لكن في المحاضرة يقول المُحاضر المهم وما ستسفيد منه وما هو أولى أن تبدأ بفهمه.. رتّب أولوياتك .
9- في الطب أو في غيره المذاكرة مع مجموعة - خصوصًا لو مع مجموعة من الأشخاص تحبهم - سيساعدك كثيرًا ويصحح لك بعض أخطاءك.. وهو ممتع ولكن عليكم أن تتفقوا على وقت راحة موحّد وإلا ستنتهون بيوم كامل من الاستراحات المتواصلة. تجربة شخصية.
10- لا تفكر في المستقبل البعيد من الأن. ولا تحسب الساعات لتبدأ عملك كطبيب وأنت لم تنتهِ من الدراسة بعد.. ستزيد من همومك وقتها.. استمتع الآن بِكلّ سنة.. وبِكلّ معلومة .
11- يؤمن الكثير بأن حياة الطبيب محصورة داخل (لاب كوته) -معطفه الأبيض- وأنّه منعزل اجتماعيًا.. هذا خاطئ.. لك كامل الحريّة في أن تُحدد كيف تعيش.. بل يُفترض كطبيب أن تكون اجتماعيًا حتى يُحبك المرضى وترتاح نفوسهم لك .
12- يقولون أن: “الطبيب الجيّد هو مستمع جيّد” عوّد نفسك على الاستماع للناس.. فهم سيأتونك في أضعف حالاتهم يريدون منك أن تستمع لهم .
13- من المُفيد جدًا أن تأخذ بنصح الأقدم منك في الطب.. لكن لا تُصدق منهم كل شيء جُزافًا.. كوّن معلوماتك واختياراتك بخبراتك الخاصة .
14- آخر نقطة.. إن كان الطب علمًا لا ينتهي.. جدد نيّتك فالعلم “من المهد إلى اللحد”
و يا طبيب المستقبل لا تنسَ قول خالقِك تعالى: “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”